الاستثمار في الموظفين: المفتاح لتنمية الأعمال وزيادة الصادرات

4 دقيقة قراءة 0 تعليق 1 إعجاب
الاستثمار في الموظفين: المفتاح لتنمية الأعمال وزيادة الصادرات

الاستثمار في الموظفين: المفتاح لتنمية الأعمال وزيادة الصادرات

المقدمة – من أرض المصنع إلى الأسواق العالمية

في أحدى مصانع الملابس الجاهزة في بنغلاديش، تمت ترقية العاملات من وظائف تشغيلية إلى مناصب إشرافية بعد حصولهن على تدريب متخصص، وخلال ستة أشهر فقط ارتفعت إنتاجية خطوط المصانع بنسبة 22 في المئة وزادت الأرباح بنسبة 25 في المئة، كما تحسنت ثقة العاملات بأنفسهن، وارتفعت معدلات الاحتفاظ بالموظفين، وتمكنت الشركات من توسيع قدرتها على تلبية متطلبات المشترين الدوليين، ولم يكن ذلك تجربة وحيده، بل جزءاً من مبادرات أوسع لتعزيز سلاسل التوريد العالمية.

هذه النتائج تؤكد أن الاستثمار في الموظفين لا يحسن العمليات اليومية فحسب، بل يفتح أيضاً الباب أمام تنمية الأعمال وزيادة القدرة على المنافسة في الأسواق التصديرية.

1. أولوية الإنتاجية

يشهد النمو في الإنتاجية العالمية تباطؤاً ملحوظاً. ففي عام 2023 لم يتجاوز معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة 0.6 في المئة بعد فترات من التراجع. وفي ظل هذه الظروف، قد يكون الاستثمار في الآلات أو المصانع الجديدة مكلفاً وبطيء المردود، بينما يمكن أن تحقق برامج التدريب وتحسين الإدارة نتائج ملموسة وسريعة.

ورغم ذلك، تشير البيانات إلى أن أربعة فقط من بين كل عشرة شركات حول العالم توفر تدريباً رسمياً لموظفيها، ما يكشف عن فجوة كبيرة وفرصة واضحة.

2. المصدّرون أكثر إنتاجية وأعلى أجوراً

الشركات المصدّرة تحقق أداء أفضل من نظيراتها غير المصدّرة سواء في الإنتاجية أو الأجور، ويُعزى جزء من ذلك إلى أن الشركات الأقوى تختار الدخول في الأسواق التصديرية، لكن التصدير نفسه يعزز القدرات الداخلية للشركات، إذ يصبح ضمان الجودة، وإدارة سلاسل الإمداد، وخدمة العملاء عبر الحدود عناصر حاسمة، ولا يمكن تحقيقها دون تدريب منظم.

كما تظهر الدراسات أن الشركات التي تتبنى ممارسات إدارية قوية مثل التقييم المنتظم، واستخدام البيانات في مواقع العمل، وحل المشكلات بشكل منظم، تتميز بمستويات إنتاجية أعلى وقدرة أكبر على المنافسة الدولية.

3. الدخول والبقاء في الأسواق التصديرية

تؤكد الدراسات والابحاث أن الاستثمار في قدرات الموظفين، سواء عبر التدريب أو البحث والتطوير، يعزز الإنتاجية ويزيد من احتمالية دخول الأسواق التصديرية والاستمرار فيها، فالشركات التي تستثمر بشكل أكبر تكون أكثر قدرة على بدء التصدير وأقل عرضة للخروج منه.

في الصين على سبيل المثال، ارتبطت الاستثمارات القوية للشركات بزيادة فرص دخولها للأسواق العالمية. كما أن الشركات التي تركز على التدريب الوظيفي أظهرت استقراراً أكبر في نشاطها التصديري. حتى التحسينات الصغيرة في قدرات العاملين لها أثر واضح، إذ أظهرت دراسات أن توفير نظارات طبية صحيحة للعمال يمكن أن يزيد من دخلهم بمقدار الثلث.

4. تعظيم أثر الدعم التصديري عبر تنمية القدرات

في المملكة المتحدة، أشار ما يقرب من ربع الشركات إلى أنها لا تعرف من أين يمكنها الحصول على دعم للتصدير، ولم تتجاوز نسبة الشركات التي تسعى فعلاً للحصول عليه 43 في المئة.

ومع ذلك، أظهرت التقييمات أن الجمع بين برامج الدعم الخارجية والتدريب الداخلي للموظفين يؤدي إلى نتائج أفضل بكثير. فقد ساهم هذا الدمج في زيادة التوظيف ورفع حجم الصادرات، خاصة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة.

5. ثلاث خطوات عملية للقيادات

من أجل تحويل الاستثمار في الموظفين إلى نتائج ملموسة تعزز الإنتاجية وتوسع فرص التصدير، هناك مجموعة من الإجراءات العملية التي يمكن للقيادات اتخاذها بشكل مباشر، وفيما يلي ثلاث خطوات أساسية تمثل نقطة انطلاق فعّالة لأي شركة تسعى لتعزيز قدراتها التنافسية:

  1. أولاً: على الشركات تحديد المهام الأساسية المرتبطة بالتصدير مثل ضمان الجودة، التوثيق، وخدمة العملاء، ثم تصميم برامج تدريبية قصيرة ومركزة حولها.
  2. ثانياً: تعزيز الممارسات الإدارية اليومية من خلال المراجعات الدورية للأداء، واستخدام لوحات المتابعة، وتطبيق منهجيات حل المشكلات، حيث ترتبط هذه الممارسات بشكل ثابت بتحسين الإنتاجية.
  3. ثالثاً: الجمع بين برامج التدريب الداخلية والاستفادة من مبادرات الدعم التصديري الخارجية، إذ أن الكثير من الشركات لا تستغل هذه الموارد رغم أنها تحقق نتائج ملموسة عند دمجها مع الاستثمار في الموظفين.

الخاتمة

النمو في الصادرات يتطلب الالتزام بالمعايير الدولية، والتكيف مع القوانين المتغيرة، والقدرة على التسليم في المواعيد. التكنولوجيا والأسواق عوامل مهمة، لكن الموظفين الذين يخططون، ويوثقون، ويبتكرون، ويبيعون، هم المحرك الحقيقي للنجاح.

والرسالة واضحة، الاستثمار في الموظفين ليس رفاهية، بل هو الأداة الأكثر فعالية لتحويل الطموحات التجارية إلى نمو تصديري مستدام.

#تنمية_الأعمال #التنمية_الاقتصادية #الاستثمار_في_الموظفين #زيادة_الإنتاجية #النمو_المستدام #تطوير_المهارات #التصدير #التنافسية_العالمية #رأس_المال_البشري #إدارة_الأعمال #تلاقي