لا تقسّم الفارق (2016): إتقان التفاوض مع مفاوض رهائن سابق لدى الـFBI

3 دقيقة قراءة 0 تعليق 0 إعجاب
لا تقسّم الفارق (2016): إتقان التفاوض مع مفاوض رهائن سابق لدى الـFBI

لا تقسّم الفارق (2016): إتقان التفاوض مع مفاوض رهائن سابق لدى الـFBI

مقدمة

عندما تكون الأرواح على المحك، لا مجال للحلول الوسط البسيطة أو المساومة التقليدية. من هذا العالم عالي المخاطر جاء كريس فوس، المفاوض السابق للرهائن في مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، والذي صاغ خبرته في كتابه «لا تقسّم الفارق – Never Split the Difference» الصادر عام 2016. يقدّم الكتاب دليلًا ميدانيًا يمكن تطبيقه في مفاوضات الأعمال، الرواتب، والحياة اليومية، ويجادل بأن أسلوب “الالتقاء في منتصف الطريق” يترك الكثير من القيمة على الطاولة. البديل هو قيادة المحادثات عبر التعاطف التكتيكي، الأسئلة المُعايرة، والإنصات المنضبط لاستخراج المعلومات الخفية وصياغة نتائج أقوى.

لماذا يُعدّ كريس فوس مرجعًا موثوقًا في التفاوض؟

شغل فوس منصب المفاوض الرئيسي للاختطاف الدولي في الـFBI، وقضى 24 عامًا في التفاوض على أزمات من نيويورك إلى مناطق نزاع حول العالم. أدّت خبرته إلى تطوير منهجيات رفعت معدّلات الحل السلمي لحوادث الرهائن إلى نطاق منتصف التسعينات، وهو مؤشر قوي على فعالية المقاربة. لاحقًا، أسّس The Black Swan Group لنقل هذه التقنيات إلى مفاوضات الأعمال، حيث أثبتت فعاليتها في الصفقات المعقدة والمحادثات الحسّاسة.

جوهر الفكرة: التفاوض عملية اكتشاف… لا مواجهة

صدر الكتاب في مايو 2016 ويعيد تعريف التفاوض بوصفه عملية اكتشاف لا صراعًا. الهدف هو جعل الطرف المقابل يشعر بأنه مفهوم بعمق عبر “التعاطف التكتيكي”، ما يدفعه لمشاركة أولوياته وقيوده و«المجهولات» التي تُعدّ أساسية لبناء صفقة جيدة. ترفض المنهجية مبدأ “تقسيم الفارق”، الذي يقود عادةً إلى حلول وسطية ضعيفة وربما خطِرة، وتستبدله بأدوات تُوجّه الطرف الآخر نحو نتيجتك دون خلق مقاومة.

لماذا تنجح الطريقة؟ أدلّة ميدانية

تُظهر بحوث إنفاذ القانون أن معظم حوادث الأزمات تُحل سلميًا عند اعتماد استراتيجيات التفاوض والاحتواء. وتشير الدراسات إلى أن نحو 95% من قضايا الرهائن تنتهي دون عنف، بينما تُظهر بيانات الـFBI أن الغالبية ليست “رهائن” خالصة بل أزمات أوسع تستفيد من الأدوات ذاتها. الدرس لعالم الأعمال واضح: عندما تسيطر العواطف واللايقين، يكون التعاطف المنضبط عاملًا حاسمًا يغيّر السلوك ويؤثر في نتائج التفاوض.

عُدّة الأدوات (مع أمثلة واقعية)

  • المرآة والتسمية (Mirroring & Labeling): كرّر آخر كلمات للطرف المقابل (المرآة)، وسمّ مشاعره أو مخاوفه (التسمية: “يبدو أن عامل الوقت هو أكبر مخاطركم”). هذا يقلّل الدفاعية ويولّد شعورًا بالاعتراف.
  • الأسئلة المُعايرة («كيف…؟» و«ما…؟»): مثل: “ما أكبر عقبة أمام التقدّم؟” أو “كيف يُفترض بي أن أفعل ذلك؟”. أسئلة مفتوحة تدفع الطرف الآخر لتقديم حلول، وفتح تفاصيل لا تظهر في النقاش المباشر.
  • ابحث عن «هذا صحيح» لا «أنت على حق»: “هذا صحيح” تعني أن الطرف المقابل يشعر بأنه فُهِم بعمق، وهي لحظة حاسمة تغيّر وتيرة التفاوض وتجعل الشخص أكثر استعدادًا للتقدّم.
  • «لا» ليست فشلًا: يُشجّع فوس على أسئلة موجهة نحو “لا” مثل: “هل الوقت الآن غير مناسب؟”. هذا يمنح الطرف الآخر شعور السيطرة ويُظهر القيود الحقيقية دون ضغط.

لماذا يلقى «لا تقسّم الفارق» صدى اليوم؟

تتضمن الصفقات الحديثة أطرافًا متعددة، معلومات غير مكتملة، وقدرًا عاليًا من اللايقين. يعالج فوس هذه التعقيدات عبر:

  • السيطرة على العملية بدلًا من التركيز على النتائج فقط.
  • الكشف عن «البجعات السوداء» — معلومات غير متوقعة تغيّر نطاق الاتفاق الممكن.
  • الحفاظ على العلاقات مع السعي في الوقت ذاته لشروط أفضل.

الهدف ليس “الانتصار بأي ثمن”، بل التأثير عبر الثقة لتوليد اتفاقات متينة ودائمة.

الخلاصة

اكتسب كتاب لا تقسّم الفارق تأثيره لأنه يجمع بين خبرة ميدانية قابلة للقياس وأدوات دقيقة وسهلة التعلّم. حتى تبنّي عدد قليل من تقنياته—مثل المرآة والتسمية، البحث عن “هذا صحيح”، والأسئلة المُعايرة—سيُحسّن قدرتك على جمع المعلومات، تقليل المقاومة، وصوغ صفقات أذكى.

في عالم فوس، الحل الوسط غالبًا هو أسوأ ما في العالمين؛ أما الوضوح، والتعاطف، والحوار المنضبط فهي الطريق لخلق القيمة… دون التفريط بها.

#لا_تقسّم_الفارق #كريس_فوس #مهارات_التفاوض #التعاطف_التكتيكي #التفاوض_التجاري #استراتيجية_المبيعات #الذكاء_العاطفي #تكتيكات_التفاوض #صناعة_الصفقات #تلاقي